حزب الله يبقى على الحياد حتى بعد الهجوم الأمريكي على إيران

معهد دراسات الأمن القومي

أورنا ميزراحي

حتى بعد الهجوم الأمريكي التاريخي والمؤثر على المواقع النووية الإيرانية، ظل حزب الله خارج منطقة الحرب. هذا على الرغم من التلميحات التي سبقت الهجوم باحتمال تغيير سياسة الحزب بعد انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب. على سبيل المثال، زعم الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، قبل أيام أن حزب الله ليس محايدًا في هذا الصراع، بل يدعم إيران وسيقف إلى جانبها، لكنه امتنع عن توجيه تهديد صريح بالانضمام إلى القتال.

نُشر أول رد رسمي للتنظيم على الهجوم مساء 22 يونيو/حزيران. ويُرجّح أن يكون هذا التأخير انعكاسًا لتردد قادة التنظيم وإحراجهم، فضلًا عن ضرورة التشاور مع الإيرانيين. في النهاية، اكتفى التنظيم بإدانة قاسية تضمنت اتهامات خطيرة للولايات المتحدة، إلى جانب دعمه الكامل لإيران، التي، وفقًا للبيان، لها الحق في الدفاع عن نفسها والقدرة على مواجهة العدوان الإسرائيلي والأمريكي. بل إن صحيفة الشرق الأوسط السعودية نقلت عن مصادر لبنانية قولها إن إسرائيل هي من تحاول جرّ لبنان إلى الحرب، إلا أن حزب الله مُصرّ على تجنّبها.

إن قرار حزب الله بعدم المشاركة في الحرب يرتكز على المحددات التالية:

إن الوضع الصعب الذي يعيشه حزب الله حالياً، والذي لا يزال يلعق جراحه بعد الهزيمة في الحرب، ورغبته في التركيز أولاً على استعادة قدراته ومكانته، في حين أن أي عمل من جانبه ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة قد يؤدي إلى مزيد من تدمير أصوله، فضلاً عن المزيد من الأذى للبنان وسكانه.

إن النشاط العسكري المتواصل للجيش الإسرائيلي ضد حزب الله، بالتوازي مع الحرب مع إيران، يُصعّب على التنظيم التحرك حتى لو اختار المخاطرة. في الأيام القليلة الماضية فقط، تم القضاء على عدد من عناصر التنظيم، بالإضافة إلى تدمير بنيته التحتية في جنوب لبنان. كما أفادت التقارير بتعزيز وجود الجيش الإسرائيلي على طول الحدود.

الضغط الشديد الذي مارسته القيادة اللبنانية الجديدة على حزب الله لعدم التدخل. وعلى عكس حزب الله، سارعت هذه القيادة إلى الرد على الهجوم الأمريكي. وأكد الرئيس عوان ورئيس الوزراء سلام، بعد مشاورات مشتركة، أن مصلحة لبنان العليا هي تجنب أي تدخل في الحرب. كما ذكر الرئيس عوان أن لبنان دفع ثمنًا باهظًا لحروب الآخرين، ولن يكون قادرًا على تحمل تكلفة حرب أخرى.

الضغوط، ليس فقط داخليًا، بل أيضًا من جهات دولية، بقيادة الولايات المتحدة، على القيادة اللبنانية لمنع الحزب من التدخل في الحرب، وللتعجيل بمعالجة قضية نزع سلاح حزب الله والعناصر الفلسطينية المسلحة في لبنان، التي تعمل بالتنسيق معه. وقد طُرحت هذه القضية أيضًا في محادثات المبعوث الأمريكي توماس باراك في لبنان.

في الختام، في سيناريو انتهاء الحرب مع إيران قريبًا، تتزايد احتمالات بقاء حزب الله خارج دائرة القتال، واختياره التركيز على استعادة قدراته استعدادًا لحملة مستقبلية ضد إسرائيل. إذا طالت الحرب وتعقدت، فلا يُستبعد انخراطه، ولو رمزيًا ومحدودًا، في خدمة المصالح الإيرانية وبالتنسيق معها.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023