لباس الإحرام والتجرد للحق

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

لا بد للحاج من أن يخلع عن كاهله كل الألبسة التي اعتادها في حياته لتصنع له البرستيج الخاص به البدلة وربطة العنق وكل ما يجعله أنيقا عند خروجه للناس وقد ينسى أمر خروجه لله وعين الله التي ترى كل تفاصيله الظاهرة والباطنة .. يا للطف الله .. الجسد نكسو عورته وعيوبه عن الناس فكيف نكسو عورات قلوبنا ودواخل نفوسنا عن عين الله.  

أن تكون على الحق ومع الحق في الأمور التي لا تحتاج إلى تضحية أمر سهل ولكن لأولئك الذين يسيرون في ركب الباطل لمغانم ورواتب واوضاع تتطلبها مصالحهم في الحزب أو الوظيفة أو المكانة الاجتماعية .. كيف نتخلى عن النفاق الاجتماعي والسياسي ونتجرد للحق .. عندئذ لا بد من رؤية الحاج وهو يتجرد من كل الالوان وأصناف اللباس الذي خيط ليشكل الصورة المزيفة البعيدة عن صبغة الله التى ارتضاها لعباده.  

نرى اليوم من يقترب كثيرا أو قد يتماها مع رؤية عدو الله ويبتعد كثيرا عن رؤية الحق .. هناك من أصبح يرى المشكلة في مقاومة الاعتلال ولا يرى للاعتلال ما يكفي للاعتراض عليه. هناك من يتلفع بالتبرير للباطل دون أي تردد .. أنى لهذا أن يخلع تلك الألبسة التي أثقلت كاهله ويلبس لباس الحق .. البياض الذي يلبسه الحجيج هذه الأيام. وعلى فكرة هو ذاته لباس الكفن الذي يلبسوننا إياه حين نلقى الله .. لعل وعسى أن نتحرر من ألبسة النفاق وأنى لنا ذلك ؟ نجحنا في أن نلبس على الناس ولكن لن ننجح بهذا على الذي لا تخفى عنه خافية ..

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023